يعتبر الاستثمار طويل الأجل أحد أفضل الأساليب الاستثمارية لتنمية الثروات وتحقيق الأهداف المالية، وتعد السلع إحدى أفضل الأدوات المالية المتوافقة مع هذا الأسلوب. لكن قبل كل شيء هناك سؤال مُلح لابد من الإجابة عليه وهو ما هي أفضل السلع للاستثمار طويل الأجل؟
إن كنت تبحث عن إجابة هذا السؤال فأنت تماماً حيث يجب أن تكون، حيث نستعرض خلال هذا المقال أشهر أربع سلع يُنصح بالاستثمار فيها على المدى الطويل، موضحين الأسباب التي تجعلها خيارات مثالية لمن يسعون إلى بناء مستقبل مالي قوي ومستقر.
أفضل السلع للاستثمار طويل الأجل
تتباين خيارات المستثمرين في أسواق المال ما بين فئات بالغة التعدد والتنوع من الأدوات والأوراق المالية، ومن بين هذه الخيارات جميعها تبرز السلع كواحدة من أهم الأصول للاستثمار طويل الأجل. على الرغم من أن جميع السلع قد تكون خيارًا جيدًا للاستثمار في فترات معينة اعتمادًا على معطيات السوق، إلا أن هناك سلع بعينها تحظى بقدر أكبر من الاهتمام، لما يتوافر بها من مقومات خاصة تجعلها الأنسب للاستثمار طويل الأمد على وجه التحديد.
نعرض فيما يلي أهم أنواع السلع للاستثمار طويل الأجل في تقدير القطاع الأكبر من كبار المستثمرين حول العالم:
الذهب
يُعد الذهب واحدًا من أهم السلع للاستثمار طويل الأجل و أكثرها قيمة في الأسواق العالمية، وقد عُرِف الذهب على مَرّ التاريخ بأنه ملاذاً آمناً في أوقات الأزمات الاقتصادية والسياسية؛ وذلك لقدرته على الاحتفاظ بقيمته في مواجهة التضخم والتقلبات الاقتصادية.
تستخدم النسبة الأكبر من إنتاج الذهب -كما هو معلوم- في صناعة المجوهرات، لكن أهميته الاقتصادية لا تقتصر على هذا الأمر، إنما يستخدم في العديد من الصناعات الحديثة الأخرى مثل صناعة الإلكترونيات والمركبات الفضائية بل بجانب بعض الاستخدامات الطبية، هذا بالإضافة إلى العديد من العوامل الأخرى التي تعزز مكانته كخيار استثماري قوي.
النفط
يُصنّف النفط ضمن أهم السلع للاستثمار طويل الأجل في العالم، لا عجب في ذلك إذا كانت اقتصادات دول كاملة تقوم بشكل أساسي على استخراجه وإنتاج مشتقاته. تنبع أهمية النفط من كونه مصدر الطاقة الرئيسي في العالم، ولكن عند الحديث عن الاستثمار به كأداة مالية لابد من ذكر وجود نوعان رئيسيان من النفط، هما خام غرب تكساس الوسيط (WTI) ونفط برنت، وكلاهما يشكلان مقياسًا رئيسيًا للأسعار العالمية.
يحافظ النفط -باعتباره عنصراً حيوياً في النقل والصناعات- على مستويات طلب مستمرة ومرتفعة، ويمكن أن تشهد أسعار النفط تقلبات حادة نتيجة التأثر بالعديد من العوامل، تشمل الأحداث الجيوسياسية والقرارات الاقتصادية فضلاً عن تدخلات منظمة أوبك بشأن معدلات الإنتاج، إلا أن هذه التقلبات قد تخلق فرصاً أكبر وأفضل للمستثمرين الذين يبحثون عن الربح من تغيرات الأسعار.
النحاس
يُعرف النحاس بأنه عنصراً أساسياً في عدد كبير من الصناعات الحيوية، يشمل ذلك مجالات البناء وصناعة الإلكترونيات والطاقة المتجددة. حظي النحاس على الدوام بمعدلات طلب مرتفعة، لكن في الآونة الأخيرة زادت الطلب عليه بشكل ملحوظ مع ومع التوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة وزيادة استخدام السيارات الكهربائية والألواح الشمسية؛ لذلك تُظهر البيانات ارتباطاً وثيقاً بين معدل استهلاك النحاس وحجم النمو الاقتصادي، وكل ما سبق يجعله خياراً جيداً للاستثمار طويل الأجل.
الفضة
تتمتع الفضة بأهمية اقتصادية كبيرة نظرًا لاستخداماتها المتعددة في الصناعات التكنولوجية والطبية، بالإضافة إلى استخدامها التقليدي في صناعة المجوهرات والعملات. على الرغم من أنها ليست بقدر الذهب من حيث القيمة، إلا أنها لا تزال مُصنّفة ضمن المعادن الثمينة وتعد سلعة ذات جاذبية استثمارية بسبب استخداماتها الصناعية المتعددة. يُمكن أن تكون الفضة خيارًا جيدًا للمستثمرين الذين يبحثون عن تنويع محفظتهم الاستثمارية.
كيفية الاستثمار في السلع؟
ساهم ظهور وانتشار أفضل منصات تداول السلع عبر الإنترنت في جعل هذا الخيار الاستثماري الأمر أسهل وأسرع ومتاحاً أمام قطاعات أكبر من المستثمرين، وذلك لأن آلية عملها تتيح فرصة الاستفادة من تقلبات أسعار السلع مع تفادي صعوبات الاستثمار التقليدي المرتبطة بالامتلاك المادي للسلعة وما يتبع ذلك من متطلبات شحن وتخزين وغير ذلك.
يُضاف إلى ذلك أن هذه المنصات توفر لعملائها مستوى أعلى من المرونة؛ إذ تتيح لهم أكثر من آلية للاستثمار في السلع عبر الإنترنت وتنويع الأصول في محافظهم الاستثمارية، نرصد فيما يلي أهم وأبرز تلك الآليات:
العقود مقابل الفروقات على السلع
العقود مقابل الفروقات (CFDs) هي أدوات مالية تتيح للمستثمرين الاستفادة من تحركات أسعار السلع دون الحاجة إلى امتلاك الأصل الفعلي، فبدلاً من شراء أو بيع السلعة، يقوم المستثمر بعقد اتفاقية مع وسيط مالي لتبادل الفرق في سعر السلعة بين وقت فتح العقد وإغلاقه.
تتميز عقود مقابل الفروقات على السلع (CFD) بإنها تتيح للمستثمر الاستفادة من تحركات أسعار السلع في كلا اتجاهي السوق، أي إمكانية الربح عن طريق فتح مركز شراء في ظل السوق الصاعدة، أما إذا كان من المُرجح أن يشهد السوق هبوطاً فيمكن أيضاً الاستفادة منه عن طريق البيع على المكشوف.
العقود المستقبلية على السلع (Future)
العقود المستقبلية على السلع (Futures) هي اتفاقيات ملزمة لشراء أو بيع كمية محددة من سلعة معينة في تاريخ مستقبلي محدد وبسعر متفق عليه مسبقًا. تُستخدم هذه العقود بشكل رئيسي للتحوط ضد تقلبات الأسعار أو للمضاربة على حركة الأسعار المستقبلية. تُيتم تداول العقود المستقبلية في الأسواق المنظمة، مثل بورصات تداول السلع، مما يضمن شفافية الأسعار وإتمام المُعاملات وفق قواعد تداول محددة.
خطوات تداول العقود المستقبلية على السلع
يتطلب تداول العقود المستقبلية على السلع اتباع خطوات محددة لضمان إتمام المعاملة بشكل صحيح وتحقيق الأهداف الاستثمارية. تتمثل هذه الخطوات فيما يلي:
اختيار وسيط مالي مناسب: أول خطوة دائماً هي اختيار وسيط مالي موثوق ومرخص في سوق العقود المستقبلية. يفضل البحث عن وسطاء يقدمون منصات تداول متقدمة ورسوم معقولة ودعم فني قوي.
فتح حساب تداول: التعرف على أنواع حسابات التداول المتوفرة وتحديد الأنسب بينها، ثم اتباع خطوات فتح وتفعيل الحساب متضمنة تقديم وثائق إثبات الهوية وعنوان الإقامة.
البحث والتحليل: إن التداول يقوم على أساس معرفي؛ لذا من الضروري إجراء بحث شامل وتحليل الأسواق المستهدفة. يمكن استخدام التحليل الفني والأساسي لتحديد الاتجاهات والتوقعات المستقبلية للأسعار.
اختيار العقد المناسب: اختيار العقد المستقبلي المناسب الذي يتوافق مع أهدافك الاستثمارية وتوقعات السوق. تأكد من فهم تفاصيل العقد مثل تاريخ الانتهاء وحجم العقد.
وضع الأوامر: عقب تحديد نوع العقد يجب تعيين الأوامر (شراء \ بيع)، يجب كذلك تحديد كمية العقود والسعر المستهدف ونوع الأمر (مثل أمر السوق أو أمر محدد).
مراقبة وإدارة الصفقات: يوصى بضرورة البقاء في حالة متابعة مراقبة ومتابعة مستمرة للسوق، مع ضرورة تفعيل أدوات إدارة المخاطر وفي مقدمتها التعيين المُسبق لنقاط وقف الخسارة وجني الأرباح.
إغلاق الصفقة: يمكن إغلاق الصفقة قبل تاريخ الانتهاء حال تحقيق ربحاً مُرضياً أو بهدف تقليل الخسائر إذا سارت الأمور في اتجاه مخالف للمتوقع. إذا لم تُغلق الصفقة يدويًا سوف يتم تسويتها تلقائيًا عند انتهاء العقد.
صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs)
يمكننا تعريف صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) هي أوعية استثمارية تتيح للمستثمرين تتبع أداء مجموعة معينة من الأصول مثل المؤشرات أو السلع أو أسهم قطاعات بعينها. تتميز صناديق (ETFs) بقدر عالٍ من الشفافية، وهي تعد وسيلة سهلة للوصول إلى الأسواق المختلفة دون الحاجة لشراء الأصول الفردية بشكل مباشر.
تُتيح صناديق ETFs المتخصصة في السلع للمستثمرين فرصة الاستثمار في السلع المختلفة مثل الذهب والنفط والفضة والنحاس، وذلك دون الحاجة إلى شراء أو تخزين السلعة نفسها. على سبيل المثال، يمكن للمستثمر شراء حصة في صندوق يتتبع أداء الذهب، مما يمنحه تعرضاً لتغيرات سعر الذهب دون الحاجة إلى التعامل مع التخزين والتأمين. توفر هذه الصناديق طريقة سهلة وفعالة للاستفادة من تحركات أسعار السلع دون الحاجة إلى التعقيدات اللوجستية.
يُضاف إلى مزايا صناديق الاستثمار المتداولة إنها متنوعة في ذاتها، أي تتضمن فئات متعددة من السلع أو من الأدوات المالية، ويعد التنوع في عالم التداول والاستثمار من المبادئ الأساسية لتقليل حجم المخاطرة المرتبطة بالسوق والتقلبات غير المتوقعة في الاتجاهات والأسعار.
أفضل صناديق الاستثمار في السلع 2024
تشهد صناديق الاستثمار في السلع إقبالاً متزايداً من المستثمرين، ذلك لأنها خيار جيد لاستهداف أفضل السلع للاستثمار مع تحقيق مبدأ تنويع أصول المحافظ الاستثمارية. نعرض فيما يلي قائمة تضم مجموعة من أفضل صناديق الاستثمار في السلع لعام 2024 بناءً على أدائها وتنوع أصولها.
اسم الصندوق | نوع الأصل | نسبة تكلفة الإدارة (Expense Ratio) | إجمالي حجم الأصول |
---|---|---|---|
صندوق قطاع الطاقة SPDR (XLE)/ Energy Select Sector SPDR Fund (XLE) | الطاقة | 0.09% | 37.4 مليار دولار |
صندوق iShares Gold Trust iShares Gold Trust (IAU) | المعادن الثمينة | 0.25%
| 28.9 مليار دولار |
صندوق Abrdn Bloomberg All Commodity Longer Dated Strategy K-1 Free Abrdn Bloomberg All Commodity Longer Dated Strategy K-1 Free Fund (BCD) | سلع متعددة | 0.30% | 230.1 مليون دولار |
صندوق الولايات المتحدة للنفط (USO) United States Oil Fund, LP (USO) | النفط | 0.70% | 1.4 مليار دولار |
صندوق سلة أسهم المعادن الثمينة المادية Aberdeen Abrdn Physical Precious Metals Basket Shares ETF (GLTR) | المعادن | 0.60% | 1.0 مليار دولار |
كيف تختار أفضل الصناديق الاستثمارية للسلع
عند اختيار أفضل الصناديق الاستثمارية للسلع، يجب على المستثمرين اتباع خطوات منهجية لضمان تحقيق عوائد مجزية وتخفيف المخاطر المحتملة. يعتمد ذلك على تحليل شامل ومعرفة متعمقة بالسوق. سنستعرض بعض النقاط الأساسية التي يمكن أن تساعد في اتخاذ القرار الصحيح:
تحديد الأهداف الاستثمارية: قبل الاستثمار، يجب تحديد الأهداف المالية، سواء كانت لتحقيق نمو رأس المال على المدى الطويل أو تحقيق دخل ثابت. يساعد هذا في اختيار الصندوق المناسب.
دراسة أداء الصناديق السابقة: من الضروري مراجعة الأداء التاريخي للصناديق الاستثمارية المختلفة. يفضل اختيار الصناديق التي أظهرت أداءً جيدًا ومستقرًا على مدى فترة زمنية طويلة.
تحليل تكاليف الصناديق: تشمل هذه التكاليف رسوم الإدارة والعمولات والنفقات الأخرى. يجب مقارنة هذه التكاليف بين الصناديق المختلفة واختيار الصندوق الذي يقدم أفضل قيمة مقابل المال.
تنويع الاستثمارات: يعتبر التنويع من أسس تقليل المخاطر، لذا يُفضل اختيار صناديق تستثمر في مجموعة متنوعة من السلع بدلاً من التركيز على سلعة واحدة.
البحث عن مدراء محترفين: يعتمد أداء الصندوق بشكل كبير على كفاءة مديريه، وبالتالي يُنصح بالبحث عن صناديق يديرها مدراء لديهم سجل حافل في إدارة استثمارات السلع بنجاح.
مراجعة الظروف الاقتصادية العالمية: تتأثر أسعار السلع بشكل كبير بالتغيرات الاقتصادية والسياسية العالمية. يجب متابعة هذه التغيرات واختيار الصناديق التي تستفيد من الاتجاهات العالمية الإيجابية.
معايير اختيار أفضل السلع للاستثمار
اختيار السلع المناسبة للاستثمار طويل الأجل من البداية هو الضمان الحقيقي لتقليل مستوى المخاطر وزيادة فرص تحقيق العوائد المأمولة، يتطلب ذلك فهماً دقيقاً للأسواق والعوامل المؤثرة في أسعار كل فئة من السلع، فضلاً عن الإلمام بالمعايير العامة التي يتم على أساسها المُفاضلة بين السلع وتحديد الأنسب بينها. تشمل تلك المعايير ما يلي:
تحليل العرض والطلب: من الضروري فهم التوازن بين العرض والطلب للسلعة المختارة. السلع التي تتمتع بطلب مستمر ومتصاعد مع عرض محدود غالبًا ما تكون مرشحة لتحقيق نمو طويل الأجل في الأسعار.
الظروف الاقتصادية والجيوسياسية: تتأثر أسعار السلع بالتطورات الاقتصادية والسياسية العالمية. يجب متابعة الأحداث العالمية مثل النزاعات السياسية أو الكوارث الطبيعية التي قد تؤثر على إنتاج السلع وتوزيعها.
التنوع الجغرافي: يفضل اختيار السلع التي يتم إنتاجها في مناطق جغرافية متعددة؛ يقلل هذا من المخاطر المرتبطة بالاعتماد على منطقة واحدة، مثل المخاطر المناخية أو السياسية.
التضخم والقوة الشرائية: تعتبر السلع حماية لرأس المال في فترات التضخم. لذلك ننصح باختيار السلع التي تحافظ على قيمتها أو تزدهر في فترات التضخم لحماية القوة الشرائية على المدى الطويل.
التحليل الفني والأساسي: يعتمد الاختيار الناجح للسلع على الجمع بين التحليل الفني (مثل دراسة أنماط الأسعار والتوجهات السوقية) والتحليل الأساسي (مثل تقييم العوامل الاقتصادية والمالية التي تؤثر على السلعة).
المخاطر والعائد: تقييم المخاطر المرتبطة بكل سلعة مقارنة بالعوائد المحتملة هو أمر مهم جدًا. السلع التي توفر توازنًا جيدًا بين المخاطر والعوائد تكون أنسب السلع للاستثمار طويل الأجل.
التكنولوجيا والابتكار: بعض السلع تتأثر بالتطورات التكنولوجية. من المهم دراسة كيف يمكن للتكنولوجيا الجديدة أن تؤثر على إنتاج وتوزيع السلعة، مما قد يخلق فرصًا استثمارية جدي