هل تداول العقود المستقبلية حلال أم حرام ولماذا؟

يعد تداول العقود المستقبلية أحد الموضوعات الأكثر إثارة للجدل بين علماء الشريعة الإسلامية؛ حيث يتساءل العديد من المستثمرين المسلمين عن مدى مشروعية هذه المعاملات وما ينتح عنها من أرباح وعوائد.

يعد تداول العقود المستقبلية أحد الموضوعات الأكثر إثارة للجدل بين علماء الشريعة الإسلامية؛ حيث يتساءل العديد من المستثمرين المسلمين عن مدى مشروعية هذه المعاملات وما ينتح عنها من أرباح وعوائد. 

نُسلط الضوء في هذا المقال على أهم النقاط الجدلية حول ماذا إذا كان تداول الفيوتشر حلال أم حرام، وسوف نستعرض معاً الحجج المؤيدة والمعارضة، بهدف تقديم فهم أعمق حول طبيعة هذه العقود وموقف الشريعة الإسلامية منها.

تداول العقود المستقبلية حلال أم حرام؟

إن تداول الفيوتشر أو تداول العقود المستقبلية هو اتفاق قانوني بين طرفين لشراء أو بيع أصل معين بسعر متفق عليه مُسبقاً في تاريخ محدد في المستقبل، تتضمن هذه العقود التزامًا بتنفيذ الصفقة عند حلول تاريخ التسوية المتفق عليه.

من الناحية الشرعية، يعتبر حكم تداول العقود المستقبلية موضع جدل بين العلماء. بعض العلماء يرون أنها حرام؛ لأنها تشمل عدة عوامل قد تجعلها غير متوافقة مع الشريعة الإسلامية، مثل عدم التسليم الفوري ووجود الغرر والمخاطرة الكبيرة، وكذلك المراهنة على فروقات الأسعار مما يجعلها أقرب إلى المقامرة

في المقابل، هناك فتاوى تشير إلى أن حكم تداول العقود المستقبلية يعتمد على الشروط المحيطة بها، مثل خلوها من الربا والاحتيال، وعدم الإضرار بالاقتصاد أو المجتمع. 

حكم تداول العقود المستقبلية

كان حكم التداول في الإسلام بمفهومه العام والشامل مَحَل خلاف بين الجهات الشرعية، وشمل ذلك العقود المستقبلية التي باعتبارها أداة مالية حديثة نسبياً قد أثارت جدلاً واسعاً بين المؤسسات الدينية، يمكن إرجاع السر وراء ذلك إلى تعقيدات هذه العقود ومدى توافقها مع الشريعة الإسلامية.

تحريم تداول الفيوتشر 

تستند هذه الفتاوى إلى المبادئ الشرعية التي تحث على الوضوح والتعاملات البعيدة عن الشك والغرر، مما يجعل تداول الفيوتشر غير متوافق مع الشريعة الإسلامية في نظر بعض الجهات، منها:

1. مجمع الفقه الإسلامي الدولي:

أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي قرارًا يحرم تداول الفيوتشر، مستنداً إلى أن هذه المعاملات تتضمن نوعًا من الغرر والمقامرة، وتفتقر إلى الشروط الشرعية التي تجعلها مقبولة في الإسلام.

2. هيئة كبار العلماء في السعودية:

أكدت هيئة كبار العلماء في السعودية على تحريم تداول الفيوتشر، معتبرة أن هذه المعاملات تنطوي على نوع من الربا والمقامرة، وهو ما يجعلها محرمة شرعًا.

3. دار الإفتاء المصرية:

أصدرت دار الإفتاء المصرية أيضاً فتوى تُحرِّم تداول الفيوتشر، لأن هذه المعاملات تتضمن غرراً واضحاً ومقامرة مالية، مما يجعلها غير جائزة شرعًا.

الإقرار بشرعية الفيوتشر

في إطار الخلاف القائم حول شرعية الفيوتشر اتجهت بعض الهيئات إلى الإقرار بإباحته، إلا أنها اشترطت الالتزام بضوابط ومعايير محددة لضمان توافق هذا النوع من المُعاملات مع مبادئ الشريعة الإسلامية، ومن أبرز هذه المؤسسات:

بنك التنمية الإسلامي (IDB): 

يرى البنك أن هذه العقود يمكن أن تكون أداة فعالة للتحوط وإدارة المخاطر في الأنشطة التجارية والمالية، مع ملاحظة أنه أكد على أن ذلك يكون عند استخدامها بالطريقة المتوافقة مع الضوابط والمعايير المُحددة، التي تضمن خلو المُعاملة من أي نوع من المخالفات الشرعية.

هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات الإسلامية (AAOIFI): 

أصدرت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات الإسلامية عدة معايير شرعية تتعلق بشأن حكم تداول الفيوتشر. وأكدت الهيئة أن هذه العقود يمكن أن تكون شرعية في حال توفر الضوابط والشروط التي تضمن عدم وقوعها في الربا أو الغرر. 

هل تعتبر العقود المستقبلية قماراً؟

العقود المستقبلية هي أدوات مالية تُستخدم للتحوط من المخاطر أو المضاربة على تحركات الأسعار في المستقبل. تعتمد العقود المستقبلية على تحليلات السوق الدقيقة والمدروسة، على عكس القمار، الذي يعتمد بشكل كبير على الحظ والصدفة. يستخدم المستثمرون العقود المستقبلية للتنبؤ بحركة أسعار الأصول والتحوط ضد التقلبات المحتملة.

على سبيل المثال، قد يستخدم مزارع العقود المستقبلية لضمان سعر محدد لمحصوله في المستقبل، مما يقلل من مخاطر تقلبات السوق. وبالمثل، قد يستخدم مستثمر العقود المستقبلية للتحوط ضد تغيرات أسعار العملات أو الفائدة.

متى يكون تداول الفيوتشر حلالاً؟

يُعتبر حكم تداول العقود المستقبلية (الفيوتشر) حلالًا في الإسلام عندما يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وذلك بتجنب الغرر والمخاطرة والميسر (القمار) والربا (الفائدة). يحرم البعض تداول الفيوتشر لأنه قد يشتمل على عناصر من الغرر والمضاربة الزائدة التي تؤدي إلى عدم اليقين، كما يفضل إتمام المُعاملات عبر  أفضل منصات التداول الحلال التي تتيح خيار الحساب الإسلامي أمام عملائها.

ومع ذلك، يمكن أن يكون حكم تداول الفيوتشر مباحًا إذا كانت الأصول المتداولة ملموسة وحلال، وكانت شروط العقد واضحة ومتفق عليها من قبل الطرفين، وكان الطرفان ينويان تسليم أو استلام الأصل في نهاية العقد، وأن يكون الغرض من التداول اقتصاديًا وليس لمجرد مضاربة.

ما أنواع الأدوات المالية القابلة للتداول بواسطة عقود الفيوتشر؟

يمكن تداول العديد من الأدوات المالية عبر عقود الفيوتشر، وتشمل هذه الأدوات:

1. السلع والتي تشمل الحبوب (مثل القمح والذرة) والمنتجات الزراعية (مثل القطن والبن) والمواد الغذائية (مثل السكر والحليب).

2. الطاقة مثل النفط الخام والغاز الطبيعي.

3. المعادن مثل الذهب والفضة.

4. العملات بما في ذلك العملات الرئيسية مثل اليورو والجنيه الإسترليني

5. المؤشرات المالية التي تشمل العقود المستقبلية على مؤشرات الأسهم مثل S&P 500 وNASDAQ، بالإضافة إلى العقود المستقبلية للسندات مثل سندات الخزانة الأمريكية.

ما أبرز الفروق بين العقود المستقبلية وعقود الخيارات؟

يوجد العديد من الفروق بين العقود المستقبلية وعقود الخيارات، أبرزها:

  • الالتزام: تُلزم العقود المستقبلية الطرفين بتنفيذ الصفقة عند انتهاء العقد، في حين أن عقود الخيارات تعطي للمشتري الحق، وليس الالتزام، بتنفيذ الصفقة في أو قبل تاريخ الانتهاء.

  • المخاطر: تحمل العقود المستقبلية مخاطر أعلى لأنها تتطلب التنفيذ، في حين أن عقود الخيارات تقتصر المخاطر على قيمة العلاوة المدفوعة.

  • السعر: يتم تحديد السعر في العقود المستقبلية عند إبرام العقد، أما في عقود الخيارات فيُحدّد عند تنفيذ العقد.

اقرأ ايضاً

شارك بتعليقك